26 - 06 - 2024

رؤية خاصة | أعراض ينايرية

رؤية خاصة | أعراض ينايرية

(أرشيف المشهد)

  • 11-1-2016 | 21:39

يحل يناير وتنشط معه كالمعتاد غدد التصريحات والمقابلات والمحاورات الإعلامية. أقلها جاد ويرتقي إلى الحدث الذي يستحضره هذا الشهر  وأكثرها هزلي استعراضي يلهث أصحابها إلى توظيف الحدث نفسه والاستفادة منه لخدمة مصالح شخصية أو تصفية حسابات معلقة.

في المعتاد لايجوز أن تثير هذه المشاهد الكثير من القلق أو حتى الاستياء إذ باتت بعد خمسة أعوام أقرب للتداعي الشرطي وطقوس الاستقبال لثورة 25 يناير. وهي تتألف، في المعتاد أيضاً، من فقرات أصبحت لفرط التكرار شبه محفوظة ومتوقعة تفتتح ببكائية على الشهداء الأبرار الذين ينساهم المتباكون طوال العام ولا يتذكرونهم إلا مع اقتراب هذا التاريخ. يحق إذاً لمن شاء أن يرى في هذه البكائية الموسمية مجرد ورقة مكايدة للنظام القائم،أياً كانت رموزه ، أو لمسات تجميل لوجوه سياسية محروقة.

ثم جدّ على المشهد البكائي تطورات منذ 2013 أضافت ضحايا فض رابعة والنهضة كوقود جديد للنيران التي يؤججها أولئك الذين شاركوا في كافة المقدمات التي افضت إلى المشهد الدموي في رابعة.  يظن من يرتبون أبجدية الضحايا وينسقون قائمتها في كل ذكرى ينايرية أنهم بهذا يلقون بكرة اللهب المسماة برابعة في وجه النظام الذي تشكل بعد 30 يونية وحده، وينأون بأنفسهم عنه ليوقعوا لأنفسهم صك براءة

مما يعتبرونه الآن جريمة وقد كانوا يرونه حينها عملاً وطنياً إنقاذياً بامتياز.

هؤلاء يكتبون لأنفسهم من حيث لا يدرون شهادة نفاق سياسي ستظل تلاحقهم مهما حاولوا التملص. فهم إما كانوا مقتنعين بما أقدموا عليه قبل أكثر من عامين حين انخرطوا فيه طائعين مختارين ومن ثم لا ندري بأي عين ينقلبون على

كل ما حرضوا عليه، وإما أنهم كانوا ضد هذا الذي جرى منذ بدايته ومن ثم لا نفهم كيف سمحوا لأنفسهم بمحاولة اقتطاف حصاده الذي سعوا إليه بكل شوق ولم يحالفهم النجاح.

وفي هذه الحالة يكون السؤال المشروع أيضاً هل كانت التوصيفات والمواقف ستختلف لو كتب النجاح لمساعي هؤلاء وتحققت مطامحهم السياسية؟

ويرادف هذا السؤال سؤال آخر عن مدى صدقية الاتهامات التي تتساقط من الأفواه وتتجدد وتزداد حدة في هذه المناسبة وتستهدف بالطبع نظام ما بعد 30 يونية؛ هل فشل هذا النظام حقاً؟ هل يفتقر للرؤية؟ هل يسلم قياده كلياً للرؤية الأمنية ويتبعها بغشم وقسوة؟ هل انقلب على 25 يناير وناصب رموزها العداء بل وانتقم منهم شر انتقام؟ هل أعطى ظهره للأهداف التي قامت من أجلها الثورتان؟

هذه وغيرها من الأسئلة والآراء النارية  لا مجال للإجابة عنها هنا بل فقط لتسجيل علامة تعجب عن المقصود بإثارة هذا الكم من الانتقادات في توقيت يتزامن مع ارتفاع حدة التهديدات بأعمال  العنف والتلويح بأن استخدام كافة الوسائل مطروح ومشروع بل ووقوع بعض هذه الأعمال بالفعل. ألا يحق للبعض الربط بين هذا وذاك واشتمام رائحة التحريض على ما يسمى بالثورة الثالثة؟

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان